شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة logo تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية. إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية. عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) إذا ضعفت العقيدة في القلوب ضعف العمل، فإذا رأيت الذي يكون ضعيفا في عباداته، في صلواته وزكواته وما إلى ذلك، فاعلم أن ذلك لضعف في عقيدته بالأساس.فالعقيدة حقيقة إذا امتلأ بها القلب ظهرت آثارها على الجواربالوقوف قائما أو عدم الاستظلال أو بترك الكلام فهذا ليس فيه طاعة
shape
محاضرة في فتن هذا الزمان ومقاومتها
15672 مشاهدة print word pdf
line-top
الصراط المستقيم هو سبيل النجاة

وإلى هنا ننتهي في هذه الكلمة, ونوصي إخوتنا بما قلناه أولًا وآخرًا: وهو الحرص على سبيل النجاة.. النجاة سبيلها واحد, وهو: صراط الله المستقيم, الذي قال الله فيه: وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ .
وقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم خَطَّ خطًّا مستقيما, وخط عن يمينه ويساره خطوطًا ملتوية, وقال: هذا سبيل الله - يعني سبيل الله الموصل إلى النجاة- وهذه الخطوط التي عن يمينه ويساره سبل الشياطين, يقول تعالى: وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ .
وقد مَثَّلَهَا بعض العلماء بجريدة النخل..الجريدة التي تَتَدَلَّى إلى أن تصل إلى الأرض. لو أن مثلًا حشرة من الحشرات صعدت على هذه الجريدة, وصعدت في أصل الجريدة -الذي هو أصلها- رَقَتْ, ورقت, ورقت إلى أن تصل إلى أعلى النخلة والثمرة لتأكل مما تريد, فإنها تكون ناجية.
أما إذا ركبت السعف -الخوص الذي عن اليمين وعن اليسار- فإنها كلما ركبت خوصة وسارت عليها قليلًا هوت وسقطت, فهكذا سبيل الله وهكذا سبل الشيطان. فسبيل الله واضح, وهو الصراط المستقيم.
ونحذرهم عن بنيات الطريق التي ذُكِرَتْ في هذا الحديث, ونخبركم أيضًا بأنكم في زمن الغربة الذي قد أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: بدأ الإسلام غريبًا, وسيعود غريبًا كما بدأ فطوبى للغرباء!! قيل: مَنِ الغرباء ذُكِرَ في تفسير الغرباء عدة روايات : الذين يفرون بدينهم من الفتن هذا تفسير لهم..إذا وقعت فتنة سواء في المال أو في البدن أو في الدين, هربوا بدينهم, ونَجَوْا بأنفسهم, كما أخبر النبي عليه الصلاة والسلام أنه في آخر الزمان قال: يوشك أن يكون خير مال أحدكم غنم يتتبع بها شعف الجبال, ومواضع القطر يفر بدينه من الفتن .
فالذين يفرون بدينهم من الفتن هؤلاء من الغرباء, الذين دعا لهم النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: فطوبى للغرباء فالمسلم ينجو بدينه, ويُقَدِّمُهُ على كل شيء, حتى قال في بعض الأحاديث: إنْ أتتك فتنة فَقَدِّمْ مالك, فإن جاوزتِ المال فقدم نفسك يعني قَدِّمْ نفسك على الدين.. يعني: قَدِّمْ مالك, فإن جاوزت المال إلى الدين, فقدم نفسك دون دينك. فهذه الوصية نريد.
نأمل من إخوتنا إن شاء الله أن يحملوها أحسن محمل.. ونسأل الله سبحانه وتعالى أن ينفعنا بما علمنا, ويعلمنا ما ينفعنا, وأن يجعلنا من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه, ونعوذ به من علم لا ينفع, ومن قلب لا يخشع, ومن دُعَاء لا يُسْمَعُ, ونسأله أن يُرِيَنَا الحق حقًّا, ويرزقنا اتِّبَاعه, وأن يُرِيَنَا الباطل باطلًا ويرزقنا اجتنابه.. ولا يجعله ملتبسًا فنضل! ونسأله سبحانه أن يمكن لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا, وأن يعيذنا من الفتن ما ظهر منها وما بطن, والله تعالى أعلم, وصلى الله على محمد .

line-bottom